lundi 27 août 2012

اندماج المسلمين .. أسطوانة مشروخة أم مفاهيــم مغلوطة ؟




اندماج المسلمين .. أسطوانة مشروخة أم مفاهيــم مغلوطة؟



العراقيل ما زالت قائمة في وجه مسلمي ألمانيا الذين لا يزال يُنظر إليهم كــ "تهديد" رغم الحوار المستمر بين السلطات وممثلين عن الجاليات، ورغم سياسات وبرامج إدماجهم في المجتمع الألماني.
لقدت شهدت ألمانيا بالفعل إقامة الحوار بين السلطات ومسلميها، ولكننا ننوه إلى وجود مستويين من هذا الحوار، "بين أوساط المثقفين وبين شخصيات هامة جدا من جهة، وبين الناس العاديين من جهة أخرى.
المستوى الأول من الحوار، السياسي الطابع، هو الذي يستأثر باهتمام وسائل الإعلام رغم أنه لا يؤدي إلى نتائج ملموسة. 
أما الحوار الذي يتم على مستوى أدنى، والذي يـساهم بفعالية في تشجيع التواصل وتعزيز التفاهم بين الجاليات المسلمة ومكونات المجتمع الأخرى، فإنه يجري بعيدا عن وسائل الإعلام بسبب "افتقاره" لطابع الإثارة.

إن "معظم المسلمين مندمجون جيدا في هذا البلد"، كما يبين العدد الكبير للفعاليات المحلية التي تتم سواء على مستوى المدارس أو الكنائس أو جمعيات المساجد التي تنظـم أيام الأبواب المفتوحة لاستقبال "الآخر" والاختلاط معه.
النساء المسلمات والنساء الألمانيات يجتمعن للحديث عن مشاكلهن مع أزواجهن أو أطفالهن في المدارس، وفي هذا المستوى الأدنى من الحوار، لا توجد أية مشاكل على الإطلاق، الجميع سيقول لك أنا لم أواجه أبدا أية مشكلة مع جاري المسلم، ولكن عندما يتعلق الأمر بمناقشة الإسلام على الساحة العامة، تتحول دلالات لفظ الإسلام إلى تهديد، ويقال إن هنالك أسلمة مخفية ، وسرعان ما تتحول تلك التجربة الإيجابية (التي تتم في المستوى الأدنى من الحوار) إلى شيء منعدم الأهمية، وعندما يتوجه الناس إلى صناديق الاقتراع أو ينبغي عليهم اتخاذ قرار ما على المستوى العام، ندرك أنه لا يزال ينظر إلى الإسلام كتهديد".
أن إشكالية إدماج الجاليات المسلمة في الدولة تقوم على مفهوم الاندماج نفسه الذي تتبناه السياسة الألمانية.
إن ألمانيا تبذل بالفعل جهودا لإدماج الجاليات المسلمة، من خلال المندوبين والمكاتب والهياكل المكلفة بقضايا الاندماج وبتنظيم لقاءات إدارية بين السياسيين وممثلي الجمعيات الإسلامية. لكن عملية الاندماج هي ليست ببساطة عملية امتصاص، فعندما تقول على الأجنبي أن يندمج عن طريق التكيف والتأقلم، تعني أن الموارد والحقوق والترتيبات السياسية أمور ملموسة وصحيحة ومحسومة، وما على ذلك الشخص المختلف، بشكل عام، إلا الامتثال أو البقاء منحرفا (عن القاعدة).
إن ما يمكن أن يغير جذريا هذا المفهوم الخاطئ هو اعتبار الاندماج عملية سياسية من شأنها أن تسمح بالتفاوض والنقاش لوضع تدابير عقلانية تسمح لكافة المعنيين، وبالتالي المسلمين، بالمشاركة في التحديد الجماعي للقيم المشتركة، وليس دفع فئة سكانية إلى الامتثال لمعايير لم تقررها أو لم تشارك في تقريرها.
والأسوأ هو جعل سياسة الاندماج تتمحور حول خيال سياسي مفاده أن الشخص غير المسلم في ألمانيا يعلــم ما معنى القيم والمبادئ الديمقراطية، ولكن من دون نقاشات حول المبادئ الديمقراطية وطريقة تطبيقها بواسطة قوانين وقرارات سياسية لما وُجدت السياسة أصلا.
ما يفرض على المسلمين هو هذه القصة الخيالية القائلة إن هنالك شيئا يعرفه الجميع اسمه المبادئ الدستورية والقيم والمعايير الألمانية، وهذا لا يوجد سوى في الخيال المحض، لأن الألمان أنفسهم ليسوا متفقين على كل شيء، فمنهم – على سبيل المثال - من يعتبر التأمين على الأمومة ضروريا في نظام ديمقراطي يعمل بشكل جيد، ومنهم من يعتبره مشكلة خاصة وأن على الدولة أن تتدخل من خلال سياسة الإنجاب ، ومنهم من يرى المستقبل في أوروبا ومنهم من يريد الانسحاب من الاتحاد، ومعظمهم غير راض عن السياسات الاجتماعية ، وأيضا غير متفقين حول سياسة الضرائب ... إذن نحن نقبل في الساحة السياسية الديمقراطية أن يكون هناك خلافا حول عدد من المواضيع وطريقة تطبيقها سياسيا، ولكن إزاء المسلمين - ومجموعات أجانب أخرى كانت تاريخيا منبوذة - تكتفي الدولة بإعطائهم إمكانية وحيدة، ألا وهي الامتثال وإلا !!.
أن تلك القيم ليست واضحة أصلا بالنسبة للأغلبية التي يُفترض أن تُقرر إن كان هؤلاء المسلمون أو الأجانب ممتثلون للقواعد أم لا. 
الدولة لا تستدعي الآخر المسلم إلى الطاولة لأنها تريد أن تكون لطيفة إزاءه بل تستدعيه لأنها تنطلق من فكرة أنها إذا ما أردت أن تتوصل إلى قرار ديمقراطي، فيجب أن يكون المسلم حاضرا للنقاش، وهذه للأسف هي إشكالية الاندماج برمتها اليوم في ألمانيا.

إن سياسة الاندماج المعتمدة إزاء الأجانب تركز فقط على البعد الثقافي وتنسى تماما البعد السياسي، وتظل متمسكة بفكرة أن ما يتمم الاندماج هو إرادة الأجنبي في الاندماج، وهذا مكتوب في وثائق رسمية، فعلى الأجنبي أن يثبت إرادته ويظهر استعداده للاندماج، ولكن من الذي سيحدد إذا كان هذا الأجنبي أو ذاك يظهر التزامه؟ 
وإلى أي حد يمكن أن تحدد دولة ديمقراطية شروط التعبير عن إرادة المهاجر في هذا المجال. 

فهل ارتداء النساء للحجاب والأئمة للجلباب والصنادل وذهاب الناس إلى المساجد يعبر عن عدم الرغبة في الاندماج؟




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire